من هو أبو شجاع مخيم نور شمس؛ وبعد 10 ساعات من مواجهات مع قوات الاحتلال، أُعلن عن استشهاد محمد جابر “أبو شجاع” قائد كتيبة معسكر “نور شمس” في طولكرم شمال الضفة الغربية، بعد استهداف جيش الاحتلال له بشكل مباشر ومجموعة من الشبان. مقاتلون من المقاومة تحصنوا داخل أحد المنازل.

وفي عملية عسكرية وُصفت بـ”الأكثر عنفاً وانتشاراً”، واستمرت 24 ساعة، استهدف جيش الاحتلال مخيم نور شمس. واقتحمت عشرات الآليات العسكرية، بينها جرافات ضخمة من طراز D-9، المخيم مساء الخميس، وبدأت بتمشيط شوارعه وبنيته التحتية، ما أحدثت دماراً. في منازل المواطنين.

وفور توغل قوات الاحتلال في المخيم، انتشرت قواته بكثافة هناك، كما سيطر جنود القناصة على منازل المواطنين في الأحياء المحيطة به، ومنعوا الدخول والخروج، وخاصة سيارات الإسعاف.

في هذه الأثناء، اشتبك المقاومون من المخيم بشكل مباشر مع جنود الاحتلال، ولجأوا إلى تفجير عدة عبوات ناسفة محلية الصنع، فيما استشهد شاب من عائلة غنام برصاص قناص، وهو الثالث لعائلته بعد أن قتل الاحتلال شقيقيه 5. منذ أشهر.

كما أُعلن عن استشهاد 3 مقاومين آخرين، أحدهم محمود العماد ابن عم قائد الكتيبة، بعد أن حاصرهم جنود الاحتلال وأطلقوا قذائف الطاقة والقذائف الصاروخية من طائرة مسيرة باتجاه المنزل في التي تحصن فيها المقاومون، بالإضافة إلى إطلاق وابل كثيف من الرصاص الحي. واستولى الاحتلال على جثتيهما وجثة أبو شجاع. وبحسب ما أكد والده، استشهد طفل في مخيم طولكرم القريب من مخيم نور شمس.

الهدف هو الكتيبة ورأسها

ووصف الناشط في لجنة خدمات مخيم نور شمس، إبراهيم النمر، اقتحام المخيم الأخير بأنه “الأكبر والأعنف من بين الـ 22 اقتحاماً السابقة للمخيم خلال العامين الأخيرين”، حيث تعمد الاحتلال تجريف محتوياته. البنية التحتية بأكملها وجزء كبير من منازلها.

وخلال سلسلة التوغلات العسكرية خلال العامين الماضيين، سجلت محافظة طولكرم استشهاد أكثر من 40 من سكانها، نصفهم تقريبا من مخيم نور شمس.

وقال النمر للجزيرة نت إن جيش الاحتلال استخدم عددا كبيرا من الآليات العسكرية والطائرات المسيرة أثناء توغله في الأرض لتعقب ومراقبة المقاومين. وقال إن “الاحتلال أراد بهذه الغارة تصفية الكتيبة وإنهاء وجودها، وخاصة قائدها أبو شجاع”.

وعلى غرار سرايا المقاومة وفصائلها المختلفة التي انطلقت في مدن الضفة الغربية خلال السنوات الثلاث الماضية، كانت مدينة طولكرم بمعسكريها طولكرم ونور شمس، أول من شكل مجموعات مقاومة، حيث كان لواء طولكرم التابع لحركة حماس وسرايا القدس أبرزها.

وانتشرت شهرة الكتيبة بعد استشهاد المناضل المقاوم سيف أبو لبدة، ابن مخيم نور شمس، قبل عامين، والذي أصبح أيقونة النضال في المخيم وفي المدينة ككل. وبعد استشهاده، اشتهرت الكتيبة بمواصلة العمل المقاوم، خاصة على يد قائدها أبو شجاع، الذي أطلق سراحه بعد وقت قصير من استشهاد أبو شجاع. لبدة.

وتميزت كتيبة طولكرم بمقاومتها خارج حدود المخيم، والاشتباك بشكل مباشر مع جنود الاحتلال، وتنفيذ عمليات ضد الجنود على نقاط التماس والحواجز العسكرية الإسرائيلية، خاصة بالقرب من جدار الفصل العنصري غرب مدينة طولكرم.

ويقول النمر: “الوضع الوطني في محافظة طولكرم ككل كان معروفاً بأبو شجاع الذي استطاع تثبيت المقاومة فيها، وخاصة في مخيم نور شمس، وقام بتجنيد مقاومين من داخل المخيم وخارجه من والقرى والبلدات المحيطة.”

وكان أبو شجاع قد تحدث في لقاء مصور سابق وقال إن “قوة الكتيبة ستشتد باستشهاد أي منا، وهذا سيزيدنا قوة وإصراراً، وسنستمر”.

زعزعة استقرارهم

وينتمي “أبو شجاع” محمد سامر جابر إلى عائلة نزحت من مدينة حيفا إبان النكبة عام 1948، واستقرت في مخيم نور شمس القريب من مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية. وهو الابن الأوسط بين 5 أشقاء. عمره 26 سنة. نشأ في المخيم ودرس في مدارسه. لكنه لم يكمل دراسته لظروف قاهرة.

وتعرض “أبو شجاع” لاعتقاله الأول في سجون الاحتلال الإسرائيلي مبكرًا عندما كان عمره 17 عامًا، وألحقه الاحتلال باعتقالين آخرين، قضى بموجبهما نحو 5 سنوات في سجون الاحتلال، بالإضافة إلى اعتقاله. كما اعتقل مرتين في سجون الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية.

وسبق للاحتلال أن استهدف شقيقيه الأكبر عدي بعدة اعتقالات، وأفرج عنه قبل شهرين، فيما يقبع شقيقه الأصغر أحمد معتقلا في سجون الاحتلال منذ عامين، لكنه فقد شقيقه الآخر. محمود استشهد قبل 4 أشهر أثناء اقتحام الاحتلال لمخيم نور شمس.

ويقول سامر جابر والد الشهيد للجزيرة نت “أبو شجاع تأثر كثيرا باستشهاد شقيقه محمود، لكن ذلك لم يحد من مقاومته، وكان دائما يقول لي: ارفعوا رؤوسكم مع أولادكم”.

وتحت ضغط المداهمات والاقتحامات العديدة لمخيم نور شمس، رفض أبو شجاع والمقاومين تسليم أنفسهم أكثر من مرة، وظل مضطهدا لمدة عامين، داهم خلالهما جنود الاحتلال منزل عائلته عدة مرات وقاموا بتخريبه. .

وقبل خمسة أشهر، فجر الاحتلال منزل عائلته بشكل كامل، مما أدى إلى تهجيرهم بعد أن كانوا يلجأون إلى منازل الجيران والأقارب في المخيم مع كل عملية توغل.

ووصفت وسائل الإعلام العبرية أبو شجاع بأنه أحد أبرز المطلوبين لدى إسرائيل، وأنه “شخص زعزع استقرار شمال الضفة الغربية”. ورغم أنه نشأ في منزل بسيط، إلا أن شخصيته وقدراته ميزته وجعلته “رمزا وقائدا” بحسب وصفهم.

ويقول والد الشهيد “أبو شجاع” إنه في الدقائق الأخيرة قبل اقتحام قوات الاحتلال للمخيم أمس الخميس، كان في قمة حيويته وفرحته، و”كأنه يودع العالم “. حتى أنه وزملاؤه من المقاومين اشتروا بعض الحلويات المجمدة، وعندما اقتحم الجنود المخيم طلب من والده المغادرة. فسلم عليه وسلم عليه السلام والوداع الأخير.

وفور استشهاد “أبو شجاع” ورفاقه المقاومين، نعتهم مساجد طولكرم ومدن الضفة الغربية خاصة جنين ونابلس، ودعت إلى إضراب عام يومي الجمعة والسبت.